الجمعة، 29 يونيو 2012

مـــــلحـــــمتـــــــي مـــــــــــــــــع الجــــــــــــــــراح

                                                  ملحمتي الثاله مع الجراح
عندما تعجز النفس عن التلميح... ويربط اللسان كعقد الضريح... ويعصف بأفكاري سيل من التسريح... كسفينة ترمي بها الأمواج غائبةً على هف ريح... تلطم أجنبها وتنثر بعض مائها... على مد شاطئ الجريح... على مد شاطئٍ اتخذت منه الصديق الصريح... اتخذت من شاطئي بقعة... بنيت حولها قلعة... وسطتها بوسادة وفرشة وزرعه... وأخذت أشكل النجوم في أحلاميوداعاً ملحمة أفراحي وآلاميأهلاً بك مجدداً ملحمة جراحي وأحزانيعدت لأسقط من جديد... لا أعلم السبب... ولكنها نقطة أتعبت قلمي... لا أتجاوزها قسراً... أشهق فيها ألف مرة... دمعتي أصبحت في شاطئي دليل...سئمت مدرسة الضياعكرهت لحظات الوداعشبعت من كثر السماع والانصياعمدرسة الوهم والضياع أصبحت من جديد عنواني الدائموأصبحت البقعة الشاطئية لي خير جليسأبكي بحرقة فيبكي معي البحر بندم وحسرة... يلاحقني في كل قطرة... في كل دمعة... تكاد أمواجه تهدم أساسات قلعة... ويكاد بكائي يغرق جذر زرعه... صديقي البحر وقت ضيقه... فليس هناك غيري في مدرسة الوهم والضياع... مدرسة الحزن المؤبد الوحيد الجريح... أغصانٌ يخلوها الورق... يبست أطرافها من الجفاف... تنتظر دموع المهمومين... أركانها توحشت... اتخذت منها العناكب بيوتاً مزخرفة... مشكلة بخيوط من حريرأعود لشاطئي من جديد... غفت عيني قليلاً مع صوت بكاء مهموم... بدء شريط أحلامي يُعرض من جديد... يُذكرني بمن ملكوا قلبي فأهملوه... يسرد علىِّ مآسي من وهبت لهم قلبي فشتتوه... يعيد علىِّ أيام عشق مضت... مع من ملكت روحي بقلبها... مع من أهدتني عشقها... مع من سلمت أمري لها... ووضعت روحها بين راحة كفي.... فرضيت بعشقي ولم أُنهى عن جنونها... ولكن أبى الزمان إلا أن يفرق بيننا... حتى حين ودعتها... كانت ولا زالت تحتفظ بحبي في قلبها... ومن قال أني استطعت أن أمحو من قلبي عشقها... فمن شدة تعلقي بها في وقتها... لم أجد الآن فتاة مثلها... ويحك يا زماني... طعنت قلبي وقلبها... همشتها في عز حبها... أبعدتها عن ناظري رغم أنفها... أسكنتها قصراً وأبدلتها بغيري حبا... ونفذت في غيابي حكماً... بأن أعود مرة أخرى... لمدرسة الوهم والضياعزاد صوت البكاء... اختلط سيل من الدموع مع حصون قلعتي... ازدانت نجوم السماء... وتوقف شريط أحلامي... مع ارتفاع صوت البكاء... وانهمار المطر من السماء... اتجهت مسرعاً خلف أسوار المدرسة... عادت سعادتي... وفرحت بسمتي... فقد دخل المدرسة كَمٌ من المجروحين... تلك تبكي وذاك يصعق وهذا فتىً يحدث نفسه... وهذه تأخذ مقاس خصرهاأهلاً بكِ ملحمتي الثالثة للجرآح والأحزانمرحباً أحبتي... سأدللكم على درب الجرح اللامنتهي... طريق الأرق... درب الندم الكئيب... طريق الحزن المديد...هذا مسار لمن صادق بجد واجتهد ثم في لمحة بصر... خسروهذا ممر قد كُتب على جدرانه... مازال هناك حب من طرف واحد... وقلبي لن يحب من جديدوهذه طرق حساسة... يرتادها من نشأ حبهم على مصالح... يتشتت مع أول نسمة هواءوهذا رصيف خائن... أشتهر أصحابه بطعن أصدقائهم... ثم تفاجئوا بطعنة أقوى من حبيبوهذا مركز تأهيل المجروحين... لا يجلس على شرفته إلا المتلعثمين... أحبوا بصمت... كبتوا مشاعرهم... فضلوا السكوت بدلاً من مصارحة أحبائهم... فنتج عنه بقائهم على الشرفة مع صف من المجروحينوتلك ممرات أخرى... وهذه طرق جديدة... أنشأتها المدرسة... حرصاً منها على سلامة ولم شمل عائلة المجروحينوهنا ترقد أجساد من أجهدهم شدة جرهم... فقرروا التخلي عن حياتهم... مقابل إبعادهم عن المجروحينوهنا نسكن... مبنىً قديم... ممرات ضيقة... تنير ظلمة ليلها أضواء سُرج خافتة... على أجنبها غرف كبيرة موحشة... مليئة من قِبل قاطنيها بالحزن والتعاسة... بالوحدة والكآبة... تشكلت على جدرانها عروق الثعابين... ونمت بأركانها أشجار الصبار... زهور مخادعة شائكة... وكأنه لم يكن بها حياة من قبلوهذا هو أتعس مناطق المدرسة... أشهر الأماكن من بين التي ذكرت لكم... أشدها قسوة على المجروحينأزقة الأوهامهنا حيث نشأت ملاحمي مع الجرآح والأحزان... مكاني المفضل... هنا كتبت آخر صفحات حياتي.., وألحان غرام موزونة... هنا توقفت عني عبق أحلام اليقظة... لا يأتي هنا إلا المشهورين... من تعلقوا مثل هذا الوساموسام الحزن المؤبدمن أصبحوا من كثر جرحهم أشهر المجروحينأزقة مريرة... من يدخلها تأتيه أفكار غريبةوإن خرج منها يعود إلى المدرسة وقت ما يريدهذه هي أركان مدرسة الوهم والضياع حيث أريتهم جميعهم فذهبوا من حولي في صمت مذهولين... خوفاً من دخول الأزقة... وبدأ صوتاً وحيداً من بينهم بالبكاء... نفس الصوت الذي أيقظني... ذهبت في أثره ولم أجد صاحبه... تعقبت قطرات دمعه دون جدوى... حفظت هذا الصوت عن ظهر قلب... بدأت أبحث عن صاحبه... اسمعه مرة أخرى... أتعقبه ولكن لم أجده... وكأنه تعمد ذلك أماميصمت خوف عجيب بين طلاب مدرسة المجروحين المستجدين... إلا صوت البكاء هذا... ها قد بدأ من جديد... ذهبت وراءه... عرفته... تحسست في أذني لحنه... تلك هي... إنها الحسناء من أيقظتني ببكائها من حلمي... حطمت لأجلها إحدى حصون قلعتي... من شدة حيائها ووفائها... تلم دمعها بيديها... تخاف على الأرض من حزنها... تغطي وجهها بكفيها... خجلاً من رؤية النجوم لعينها المنكسرة... استوقفتها بين الحشد لحظة... مغرورة تلك الفتاة... تغتر بجمالها على من هن في مثل سنها... مسحت دموعها... توقفت عن البكاء... أنقذتها وأنقذتني... أمسكت كفيها... نظرت لجمالها... سبحانك ربي... 

أحبته فتركها... وذهب ومعه قلبها... تندب حظها... ضاع قلبها... ليس لديها ما تسعد لأجله... إلى أن طرقت بعض ما تبقى من لديها... ببكائها أسقطت صورة الماضي... وبدأنا سوية من جديدأعدت إليها ما كانت تبحث عنه... جلبت لها كأسً من إكسير الحب لينعش قلبها... فعشقت قلبي... وتعلقت بحبها... زرعنا سوية خارج الأسوار زهور الياسمين... ونثرنا بذور الحب في حقول العشق التي كانت بيننا... أسقيتها بدموع إهمالها... بدت وكأن شيء يبعدها... ذاب التجاذب بينناتجمد البحر حزناً لفراقها... تحطمت قلعتي وفاءً لها... حاولت أن أجدها مرة أخرى... وكأن هناك تجاهل منها... كذبت وتحججت... وبعد شفائي المؤقت... أعادتني من جديد... عدت لمدرستي... لأزقة أوهامي... متعلقاً شارتي الجديدةشارة الجرح المديدبدأت تتشابه الألوان في عيني... وأزداد في كأسي الماء مرارة... تمزقت كافة أطرافي... ما عدت أستطيع السير... حتى البحر تجمد لحزني... والشاطئ غرق لألمي... ليس لي إلا الأزقة... ملجأي الوحيد في حالي... أشكي له همي... يخفف علي جشئي... وبأنفاس متقطعة... وصوت واحد حزين... صاحوا أحبتي المجروحينيا وسام الحزن المؤبد... يا شارة الجرح المديدأهلاً بك بيننا في مدرسة الوهم والضياع ملحمتي الثالثة للجرآح والأحزان كتبتها لكم من داخل أزقة الأوهام تقبلوا تحياتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق